3.4.07

نيمسيس: الأيام الأخيرة للجمهورية الأمريكية

Nemesis: The Last Days of the American Republic (American Empire Project)

نيمسيس: الأيام الأخيرة للجمهورية الأمريكية /مشروع الإمبراطورية الأمريكية
المؤلف: شالمرز جونسون
الناشر:متروبوليتان بوكس
تاريخ النشر: 6 فبراير 2007


تسعى الولايات المتحدة الأمريكية حاليا إلى أن تكون، في آن معاً، ديمقراطية داخلية وإمبريالية خارجية. ويكرّس شالمرز جونسون ـ الأستاذ البارز في جامعة كاليفورنيا، سان دييغو، ورئيس ومؤسس "معهد أبحاث سياسة اليابان"، وأحد أذكى متابعي مخاطر صعود الإمبراطورية الأمريكية كتابه الجديد "نيميسيس: الأيام الأخيرة للجمهورية الأمريكية". لوصف طبائع هذا المزيج، وينغمس أكثر في تحليل العلاقة الطردية بين صعود الإمبراطورية خارجياً وتآكل الديمقراطية داخلياً.

نشر القواعد العسكرية

وفي تحليله للإمبراطورية الأمريكية، أجرى جونسون مجموعة أبحاث حول شبكة من 737 قاعدة عسكرية أمريكية هنا وهناك في العالم (واستناداً إلى إحصائيات وزارة الدفاع الأمريكية ذاتها)، اتضح له التالي: مع استثناء العراق وأفغانستان! تنشر أمريكا أكثر من نصف مليون جندي أو جاسوس أو متعاقد أو تابع، في قواعد عسكرية داخل أراضي أكثر من 130 بلداً، معظمها خاضعة لأنظمة دكتاتورية لا رأي البتة لمواطنيها في إقامة تلك القواعد.
ومن أشهر الأمثلة على سياسة نشر القواعد العسكرية طبقاً لمفهوم إمبريالي أنه خلال الـ 61 سنة الماضية تخندق الجيش الأمريكي في جزيرة أوكيناوا اليابانية الصغيرة، وأقام فيها 37 قاعدة، ونشر 17,000 من مشاة البحرية في الفرقة الثالثة، بحيث صارت المنشأة العسكرية الأمريكية الأضخم في شرق آسيا. وارتكب أفراد الجيش الأمريكي أعمال عدة من الاغتصاب والجريمة وتلويث البيئة وحوادث الطرق، وتسببت هذه في تظاهرات احتجاج واسعة في الجزيرة وعلى امتداد اليابان، لكنّ القاعدة ظلّت على حالها من حيث العدد والعدّة، بل حدث أنها تزايدت وتفاقمت آثارها الكارثية.


خسارة الديمقراطية للحفاظ على الإمبراطورية
ويرى جونسون بلا تهويل أو مبالغة أن ثمة خليط من جيوش هائلة منتشرة خارج البلاد، موضوعة في حالة حرب؛ واعتماد اقتصادي متزايد على المجمّعات الصناعية ـ العسكرية، وتصنيع الأسلحة خصوصاً؛ وإنفاق خرافي على القواعد العسكرية، مع تضخّم هائل غير مسبوق في ميزانية البنتاغون. ولا يتردد جونسون في إنذار أبناء جلدته: "نحن على حافة خسران ديمقراطيتنا من أجل الحفاظ على إمبراطوريتنا. وحين تسير الأمّة على هذا الدرب، فإنّ الديناميات التي تنطبق على كلّ الإمبراطوريات السالفة لا بدّ ان تنطبق علينا من العزلة، والإفراط في التوسع، وتوحيد العناصر المحلية والكونية المناهضة للإمبريالية، وانتهاء بالإفلاس".

نهاية الجمهورية

ولا يتعفف جونسون أبداً عن استخدام كلمة "النهاية" مراراً، ليس نهاية الإمبراطورية وحدها، بل نهاية الجمهورية معها، سواء بسواء. ونعرف أنّ التاريخ يضرب أمثلة على قوى عظمى لمست في ذاتها قدرة خارقة على قيادة الكون، بإلهام من الله أو هبة خالصة من القدر كما يعتقد قادة تلك القوى وفلاسفتها. بيد أن إمبريالية الولايات المتحدة كانت منذ البدء حالة استثنائية في بواعثها وأهدافها.

فالسلام الأمريكي يفترض مسبقاً حالة من التطابق والتوافق التامّين بين مصالح الولايات المتحدة ومصالح الإنسانية جمعاء. وتعتبر الحكومات أو الحركات السياسية التي تعترض على هذا التطابق الفطري معادية للولايات المتحدة، ولسلامها الكوني، بالضرورة. والحرب ضد أولئك "العصاة" تصبح مهمة مقدسة تستهدف خير البشرية والمجتمع الدولي، وحملة صليبية مديدة متجددة من أجل عالم "لائق" و"حرّ" و"ديمقراطي".

وبهذا المعنى فإنّ اختيار شالمرز جونسون شخصية نيميسيس، ربّة الثأر والانتقام في الأسطورة الإغريقية، عنواناً لكتابه الأخير يفيد بأنّ الربّة الغاضبة تجوس أرجاء أمريكا عموماً، وتستوطن البيت الأبيض خصوصاً.