5.6.06

الصين-جرد حساب: ماذا يحتاج العالم لمعرفته الآن عن القوة العظمى الناشئة

China The Balance Sheet: What the World Needs to Know Now About the Emerging Superpower
الصين-جرد حساب: ماذا يحتاج العالم لمعرفته الآن عن القوة العظمى الناشئة

تحرير: فريد بارجستن
الناشر: ببليك أفيرز
تاريخ النشر: أبريل 2006


يهدف كتاب (الصين – جرد حساب) الى تقديم معلومات وافية ودقيقة عن الوضع الحالي للاقتصاد الصيني والدور المتنامي للصين وحجم التنافس والتهديد الذين يمكن ان تواجهه الولايات المتحدة في المستقبل. شارك في إعداده باحثون وخبراء من معهد الاقتصاد الدولي ومركز الدارسات الاستراتيجية والدولية CSIS في واشنطن حول الصين والعلاقات الأمريكية الصينية.

فشل الماضي وتوجيه الأسئلة الصحيحة
يذكر مؤلفو الكتاب ان الصين كانت ولا تزال تستعصي على فهم الأمريكيين نظرا للغموض والتعقيد وعدم دقة المعلومات المتاحة حول هذه الدولة التي تشرف على ان تكون واحدة من أهم القوى في عالمنا المعاصر. فقد فشلت الولايات المتحدة خلال القرن العشرين في ترويض الصين ولم تكن السياسة الأمريكية قادرة على فرض منطقها ومصالحها في التعامل معها, لكن هذه العلاقات أصبحت تعني الآن الكثير نظرا لحجم التحديات التي تواجه الطرفين بل العالم اجمع مثل التوازن بين القوى العظمى ودعم النمو الاقتصادي العالمي وزيادة انتشار الأسلحة النووية ومجابهة الارهاب.

ويحاول الكتاب من خلال توجيه مجموعة من الأسئلة حول مستقبل الصين والعلاقات بين البلدين ان يرشد الاستراتيجية الأمريكية الى كيفية التعامل السليم مع تنامي دور الصين في العالم.ومن بين هذه الأسئلة: هل يستمر نمو الاقتصاد الصيني أم انه سينهار? وما هي المصادر الفعلية لهذا النمو المذهل? وهل سيستمر هذا النمو في الارتفاع بمعدلات سريعة أم سيتعثر وينهار من جراء سوء الإدارة المالية والتنموية? وهل سيؤدي النمو الاقتصادي السريع الذي تشهده الصين الى المزيد من الأشكال الديمقراطية والتعددية في الحكم? وهل سيؤدي التحول الاجتماعي السياسي الى المزيد الاضطرابات أم سينجح الحزب الحاكم في الصين الى السيطرة على زمام الأمور والاكتفاء بالنجاح على المستوى الاقتصادي , وكيف سيؤثر كل سيناريو على مصالح الولايات المتحدة? كما يتطرق الكتاب الى الملف الأمني في العلاقات بين الصين والولايات المتحدة من خلال توجيه نمط آخر من الأسئلة حول نموذج العلاقة الأمنية بين البلدين؟

الاقتصاد الصيني الداخلي
كثير من جوانب صورة الاقتصاد الصيني في السنوات الأخيرة تبدو مذهلة, حيث أصبحت الصين رابع أقوى اقتصاد في العالم وثالث أقوى دولة تجارية.وبلغ معدل نمو الاقتصاد 10 بالمائة خلال العقود الثلاثة الماضية. وارتفع حجم إسهامه في التجارة الدولية بنسبة 12 بالمائة, كما بلغ احتياطي النقد الأجنبي في الصين عام 2006 تريليون دولار.وتأتى الصين في المرتبة الثانية عالميا بعد الولايات المتحدة في جذب الاستثمارات ورؤوس الأموال. والمنتجات الصينية تعرف طريقها الى كل ركن من أركان العالم.
ولكن من المهم كما يقول المؤلفون أيضا ان نتعرف على جوانب الضعف في الاقتصاد الصيني الداخلي, فعلى سبيل المثال لا يزيد متوسط الدخل في الصين عن ربع متوسط الدخل في الولايات المتحدة. ولا يتعدى الحد الأدنى للأجور ثلث نظيره في الولايات المتحدة. ولا تنفق إلا 10 بالمائة من إنفاق الولايات المتحدة على البحوث والتنمية , ذلك في الوقت الذي لا تتعدى نسبة الباحثين والعلماء الصينيين الذين لديهم القدرة على التنافس عالميا عشر نسبتهم في الولايات المتحدة. يضاف الى هذه الجوانب العامل الإداري, حيث ان الصين في حاجة ماسة الى اعادة هيكلة النظام المصرفي وتحسين اوجه الإنفاق وردم الهوة في مستويات الدخل بين المناطق الريفية والمدن.

هل تمثل الصين خطرا أمنيا على مصالح الولايات المتحدة?
يناقش الفصل الخامس من الكتاب السياسة الخارجية للصين وتحالفاتها الإقليمية وقدراتها العسكرية وتأثير كل ذلك على مصالح الولايات المتحدة. يقول مؤلف هذا الفصل ان هناك دلائل على ان الصين كانت حريصة منذ فترة على تنمية علاقتها الإقليمية والدولية وان لديها خطة استراتيجية طويلة الأمد لتلعب دورا مركزيا في عالم العولمة. كان الدافع وراء تلك الخطة سعي بكين الى خلق بيئة إقليمية ودولية تسهل لها تفعيل ونمو قدراتها الاقتصادية من جهة والحفاظ عل سيادة واستقلال وضعها السياسي من جهة أخرى.
كما كان حرص الصين على البحث عن الموارد الطبيعة خاصة مصادر الطاقة لتلبية احتياجات القطاع الصناعي دافعا مهما ايضا في تشكيل تحالفات الصين ورسم سياستها الخارجية في السنوات الاخيرة وهذا ما يفسر من وجهة نظر الكاتب مواقف الصين من دول مثل السودان وايران وبورما ودول اخرى لا ترضى قبولا في العالم الغربي.

مستقبل العلاقات الأمريكية الصينية
يرى الكتاب أن العلاقات بين الولايات المتحدة والصين معقدة ومليئة بالتناقضات, فعلى الرغم من التنافس بين القوتين, فانهما في حاجة الى بعضهما البعض كما ان علاقات التبادل التجاري هامة جدا للطرفين, تعتبر الصين اكبر ثالث شريك تجاري وثاني أهم مصدر للواردات الأمريكية. كما ان السلطات الصينية تعتبر ثاني اكبر دائن رسمي للولايات المتحدة, حيث يوجد على الأراضي الصينية مئات المليارات من الأصول المالية الأمريكية. وفي المقابل تعتبر الولايات المتحدة أهم شريك تجاري ثنائي للصين ومصدرا مهما للاستثمار وتصدير التكنولوجيا.
وفيما يتعلق بالسياسة الخارجية والعلاقات الدولية فان مصالح الولايات المتحدة والصين متشابكة بدرجة تجعل من العداء بينهما أمرا مستبعدا, وان كان ذلك لا يعني وجود اختلافات حول عدد من القضايا الإقليمية والدولية.