20.11.05

اقتل! اقتل! اقتل!

Kill ! Kill ! Kill !

اقتل! اقتل! اقتل!
جيمي ماسي
منشورات "بناما" الفرنسية
6 أكتوبر 2005 - باريس

تناول جيمي ماسي، في كتابه الذي صدر مؤخرا بعنوان: (اقتل! اقتل! اقتل!) حكايته مجنداً في الجيش الأمريكي, ومن ثم مقاتلاً في الحرب على العراق, التي غادرها بعد ان أمضى فيها ثلاثة أشهر، أشترك خلالها بالعديد من العمليات في العاصمة العراقية بغداد ومدن عراقية أخرى وشارك بنفسه في قتل عراقيين أبرياء كُثر الأمر الذي أدى إلى أصابته بحالة "اكتئاب حاد" أعفي بعدها من الخدمة وأعيد إلى الولايات المتحدة أواخر صيف 2003.
جيمي ماسي مواطن من ولاية تكساس يبلغ من العمر 34 عاماً تلقى علومه الدينية المعمدانية السائدة في الجنوب الأميركي, كان يعشق مطاردة واصطياد السناجب, ولكن خدمة استمرت 12 عاماً في صفوف قوات المارينز الأميركية, جعلت منه رجلا محطما, ومصاب بعوارض أزمات نفسية شديدة, ومدمن على تناول الأدوية, بسبب ملازمته شريط صور كابوسية, يمر فيه مشاهد قتل مدنيين أبرياء, حينما لم يكن أكثر من آلة للقتل.‏
وقام ماسي، بعد فترة علاج طويلة، بتأليف كتابه الجريء, يحكي فيه قصة جندي من المارينز، استهله بحديث عن بدايته مجنداً، يقول فيه إنه يتعين على الجندي الأميركي تعلم كل شيء بسرعة, وقد تعلم أن الجندي ومن أجل المحافظة على مهمته القذرة غير مسموح له أن يكون لديه أي رادع أو وازع)، ومن ثم يصف ماسي كيف دخل العراق في مارس 2003 عبر الحدود الكويتية مع قوات الاحتلال الأمريكية، وما قضاه هناك من أيام عصيبة قتل هو نفسه فيها أبرياء مدنيين، ويعترف بذلك في كتابه قائلا: "أنا نفسي قتلت العديد من المدنيين الأبرياء في الوحدة التي كنت أعمل بها في بغداد في الأشهر الأولى للغزو دون أسباب وجيهة، وما علمناه أن المدنيين الذين قتلوا كانوا غير مسلحين ولا يشكلون خطرا محتملا".
ويؤكد ماسي في كتابه ان أفرادا من وحدته قتلوا عشرات المدنيين نتيجة المبالغة في الشعور بالأخطار التي تواجههم، ووصف ما تقوم به القوات الأمريكية في العراق بـ"بجرائم حرب". ويروي ماسي قصصا فظيعة عن عمليات قتل "بدم بارد" لمدنيين لا يحملون أي أسلحة، ويتساءل في الوقت ذاته: لماذا علينا أن ندخل في تلك الصراعات المعقدة؟ ما الذي سنجنيه من احتلال العراق؟ صحيح أن النظام العراقي كان نظاماً فاشياً، ولكن ماذا سنربحه نحن من احتلالنا للعراق مثلاً ومن غزونا لأفغانستان من قبل ذلك؟".
تلك المساءلة الصعبة التي استغرقت العديد من الصفحات في الكتاب يجد لها ماسي الرد أخيراً بقوله: " في الحقيقة لا شيء ستجنيه الولايات الأمريكية من هذا الجنون المدمر الذي تريد فرضه على العالم. لا شيء. الحرب لم تكن في يوم من الأيام خياراً مطلقاً بالنسبة لجيش لم يكن متعوداً على الحرب طويلة المدى.
وأكد ماسي "أن هناك مذكرة وزعتها المخابرات العسكرية الأمريكية تقول بأن "كل العراقيين إرهابيون محتملون" ولهذا كانت الأوامر التي تكررت لنا تتجسد في إطلاق النار على كل ما يتحرك، ويتابع: "واكتشفنا أننا أطلقنا النار على أطفال أيضاً.. كنا نمارس القتل العمد، وكانت الأوامر المستمرة التي تصلنا هي مزيد من القتل.. اقتل.. اقتل. إلى درجة فقدنا فيها إنسانيتنا تماماً!"
وبدأ ماسي يرفض أوامر رؤساءه ويناقشهم و يثير الجنود كي يرفضوا إطلاق النار عشوائياً على المدنيين مما جعل القيادة تختار بين أن تلقي عليه القبض وإدانته بتهمة عصيان الأوامر وترحيله إلى الولايات الأمريكية للمحاكمة.
ما يميز هذا الكتاب أنه لم يكن من تأليف شخص مدني، أو كاره للحرب، بل كان من تأليف جندي عمل لفترة طويلة في خدمة الجيش الأمريكي. وقد أنكر الجيش من جهته الوقائع التي وردت في الكتاب, بينما وبخه أصدقاؤه القدامى وابتعدوا عنه, حتى إنهم هددوه.‏ وصرحت الناطقة باسم البنتاغون إن مزاعم ماسي قد تم التحقيق فيها من قبل وثبت عدم صحتها، كما ورد في وكالات الأنباء.
ولأنه لم يجد أي ناشر أمريكي لكتابه فقد تعاونت معه الصحفية الفرنسية ناتاشا سولنير على إعداد كتابه باللغة الفرنسية ليقوم بنشره في باريس وترى سولنير ان دور النشر الأمريكية خافت من كتاب "مثير للجدل" قد يؤدي الى تداعيات اقتصادية ويضر بصورة القوات الأمريكية لدى الرأي العام. بينما يرى ناشر الكتاب انه لا يتوقع صدور أي طبعة بالإنجليزية من هذا الكتاب على المدى المنظور إلا انه أكد ان طبعة بالإسبانية ستنشر في بداية 2006.والآن لم يعد يخدم ماسي في صفوف المارينز, ويعيش في قرية صغيرة في ولاية كارولينا الشمالية, مكرساً جل وقته لجولات يناهض فيها التجنيد في المدارس, ويناضل في منظمة تناهض الحرب, أسسها مع خمسة من زملائه أطلقوا عليها اسم (محاربون ضد الحرب).‏